ذكرت صحيفة "الجمهورية": لا يمكن
قياس ما شعر به الجمهور العوني حين قرأ البيان الترحيبي الحار الذي أصدره
«حزب الله» احتفالاً بفوز مرشّح الإخوان المسلمين محمد مرسي.
لكنّ
هذا الجمهور لم يشنّ كعادته حملات ردّة الفعل الأولى على "حزب الله"، بعدما
انضمّ الأخير إلى حزب "فليحكم الإخوان"، الذي اتُّهم سمير جعجع بإنشائه
أخيراً، عندما أجاب عن سؤال عن طريقة تعامله مع أيّ فوز متوقّع للإخوان في
انتخابات نزيهة تجري وفق المقاييس المعروفة والمقبولة.
وقد أتى ترحيب الحزب بفوز مرسي، كما ترحيب النظام السوري نفسه بهذا الفوز، ليضع العماد ميشال عون في الخانة التي رسمها لنفسه.
وكما
لم يمانع العماد عون خوض معركة إسقاط المحكمة الدولية، والدفاع عن حملة
السلاح أكثر ممّا يدافعون هم عن أنفسهم، لم يتأخّر في خوض معركة باسم من
سلّمه الأمر والثقة من المسيحيين، في وجه الثورات العربية التي تحمل قيم
تغيير طالما انتظره مسيحيّو لبنان والمنطقة. هذا في وقت لم يقطع حليفه "حزب
الله" يوماً خيوط التواصل مع الحال الإسلامية في لبنان والعراق والأردن،
خصوصاً في مصر التي يحاول فيها الحزب مع الإخوان المسلمين ترتيب علاقة
شبيهة بعلاقته مع حركة "حماس".
وليس خافياً أنّ شخصيات إسلامية،
كالمحامي محمد سليم العوا، تعمل باستمرار في هذا الاتّجاه، وليس خافياً
أيضاً أن طرفاً كالجماعة الإسلامية في لبنان كلّفها "حزب الله" مهمّة
استكشاف سبل تقوية هذه العلاقة. وليس خافياً أخيراً أنّ إخوان مصر لم
يتجاوبوا مع هذه المحاولات، وقد أبلغوا إلى الحزب أنّ التواصل معه مؤذٍ
شعبيّاً، نظراً إلى وجود شعور عدائي لدى الشارع المصري من دعم "حزب الله"
وإيران النظام السوري.
وما يعرفه العماد عون جيّداً، ليس فقط سعي
"حزب الله" إلى التواصل مع إخوان مصر، بل مع إخوان سوريا الذين رفضوا عرضاً
إيرانياً بتقاسم السلطة مع النظام السوري. هذا التواصل ليس سرّاً، وهو
يهدف إلى ترتيب العلاقة مع الحال الإسلامية التي ستشارك في الحياة السياسية
في مرحلة ما بعد سقوط النظام السوري، ذلك على رغم معرفة الحزب أنّ ترميم
صورته السابقة المشرقة بات صعباً، وأنّه لو نجح في ترتيب علاقة مع بعض
التيارات الإسلامية في هذا البلد العربي أو ذاك، فإنّ ذلك لن يعفيه من
المحاسبة بسبب موقفه الداعم للنظام السوري.
وإذا كان "حزب الله" قد
نجح في أرجحة موقف العماد عون بين ليلة وضحاها، ونقله من موقع الداعم
للثورات العربية في مصر وتونس، إلى الموقف النقيض فور اندلاع الثورة
السورية، فإنّ عون سيبقى وحيداً في دعمه النظام.
"فليحكم
الإخوان"... موقف أراد منه سمير جعجع أن لا يضع المسيحيين في لبنان والعالم
العربي في مواجهة مع الديموقراطية وما ستفرزه من نتائج، حتى لو أدّت إلى
فوز الإخوان بنسبة لا تزيد عن ثلاثة في المئة من مجموع الأصوات (كما في
النموذج المصري).