التربية الجنسية : هي عملية تفسير النوع البشري ، ( ذكرا ً كان أم أنثى ) إلى الأبناء وأهمية كل جنس بالنسبة الى الجنس الآخر ، مصحوبا بالتقدير والاحترام المتبادل .
والتربية الجنسية ..هي نوع من أنواع الثقافة التربوية التي يجب على جميع الأفراد إدراك أبعادها...فالجنس في نظر الغالبية ، هو الطريق السالك للانحراف والمؤدي الى معصية الخالق ونشر الرذيلة ، وتشتعل العلامات الحمراء في أذهان الكثيرين حال سماعهم بكلمة ( جنس ) ، فهي المثيرة لغرائزهم والمحفزة لسوء ظنونهم ، وما يجهله الغالبية العظمى من الأفراد في مجتمعنا العربي ، هو معنى التربية الجنسية الذي يخاف الكثيرون طرق بابه لأسباب اجتماعية وأخرى دينية .
إن المقصود بالتربية الجنسية ، هو تعريف الأفراد بالنمط الجنسي والنمط هو نوع الجنس وليس العملية الجنسية.
كما أن التنميط الجنسي ..هو معرفة كل نوع بجنسه ، فالبنت لها الحق في التعرف على نوع جنسها وأنها أنثى ، ويتوجب تعزيز قناعتها ورضاها نحو جنسها وعدم التقليل من شأنه لأي سبب كان ، وكذلك الذكر على حد سواء ، والمطلوب دائما ً هو تصحيح السلوك الخاطئ لصاحب ذلك الدور.
إلا أن هناك عاملان يتعاملان مع التربية الجنسية ويؤثران عليها ، وهما :1- العامل الديني ...حيث يلعب الدين الدور الأكبر في تسيير حياة الناس الذين يعتمدون عليه في تحديد وجهات حياتهم ، ولذلك فقد فسر ذوي الاختصاص بالدين الحياة الجنسية ، على أنها عورات يحرم التحدث عنها أو الاقتراب منها قدر المستطاع ، وان من يفتح هذا الباب كأنه يفتح بابا ً من أبواب الشيطان ، يصعب غلقه أو السيطرة عليه.
2- العامل الاجتماعي .. إن التطور الاجتماعي البطيء الذي تعيشه المجتمعات النامية لم يعط ِ هذا الجانب الأهمية الكافية ، إذ ترك للتأويل والتوجيه الأسري ، حيث أخذت الأسرة على عاتقها الإشارة إلى حافات الموضوع واتخاذ الخبرة الشخصية والقناعة المفردة في التوجيه وبما يرتأيه المجتمع الذي يتواجد فيه الفرد ، وأصبح الأفراد الذين يحاولون إثارة مثل هذه المواضيع ، كالذي يدخل في دروب مغلقة ، يتهمونهم بالنوايا السيئة ، ويبتعد عنهم المقربون ، ويثيرون اشمئزاز الآخرين ، وعليه ، فقد ظل البحث في هذا المجال أمرا ً في غاية الصعوبة.
كثيرٌ منا يلجأ الى تربية أطفاله كما تربى هو في كنف أسرته ، فهي التربية الحقـّة في نظره ، دون أن يدرك ، أن المجتمع يفرض عليه تطورا في جميع الجوانب ، ومن ضمنها الجانب الجنسي ، فليس من المعقول أن تبقى التربية ثابتة في جانب ما ومتطورة في جانب آخر ، بل هي عملية تطورية ديناميكية ، الهدف منها خلق أفراد قادرين على الانخراط في ثنايا وجوانب المجتمع ،فمثلا كان التعليم حكرا على الذكور ، ومن ثم بدأت المرأة باختراق هذا الحصن ، ومن ثم أصبحت لها الحقوق الكاملة في التواصل مع العلم لأعلى مرتبة علمية ممكنة ، وهذا تطورا في مفهوم المجتمع المدني ، وفي الحقيقة ، فقد استفادت هذه المجتمعات من نشر الثقافة بين صفوف أبنائها ، وبشكل خاص الكادر النسائي ، وأصبحت الفوارق الجنسية مقتصرة على النوع والتكاثر واستمرار الجنس البشري . إن دراسة الجنس ، هي دراسة لسايكولوجية الفرد ، والتعرف على جوانب حياته الخفية ، فالحياة الجنسية ليست مقتصرة على العلاقة الفسيولوجية بين المرأة والرجل ، بل هي نمط المعرفة الجنسية بما متوقع من قبل كل جنس وما يقدمه للمجتمع ، وفق ما يتناسب مع نوعه وقدراته الشخصية.
إن العبء الأكبر في استمرار التثقيف الجنسي يقع على مدى فهم الأسرة وتقديرها لهذا الجانب المهم والخطر في الحياة ، فالفتاة الصغيرة يجب أن تمنح الفرصة للتعرف على جنسها وما تملكه من مميزات ، ابتداء من الشكل الخارجي وانتهاء بنوع السلوك المتوقع والمنتظر منها، والأم يجب أن تنمي في الطفلة الصغيرة حب جنسها والاعتزاز به والمحافظة عليه ، إذ أن الأسرة هي أول المؤسسات الاجتماعية التي يجب أن تعطي المعلومات والتفسيرات المقنعة للطفل.
لذا وجب على الأسرة تعليم أطفالها :1- احترام كل فرد لجنسه سواء ً كان ذكرا ً أم أنثى ، والتأكيد على أن لكل منهما مهام فسيولوجية وأخرى اجتماعية مختلفة .
2- توجيه الطفل حسب جنسه ، فمثلا ً ، البنت توجه نحو الجلوس الصحيح وخفض الصوت أثناء الحديث وتعريف الفتاة بأهمية دورها الأنثوي في الحياة ، وما شابه ذلك . وتدريب الأطفال الذكور على بعض الواجبات التي تتعلق بنوعهم ، ...الخ
3- تعليم الأطفال ، إن الله خلق الناس (ذكرا ً و أنثى ) ، و بهما تكون الحياة .
4- التعريف بالفروق بين البنت والولد عند وصولهم الى الإدراك الزمني المناسب والذي غالبا ً ما يكون في مرحلة الطفولة المبكرة .
5- التواصل الأسري في التوجيه والمتابعة من خلال الحوار المفتوح والمصارحة ورحابة صدر الآباء في الرد المناسب لكل أسئلة الأبناء.
إن التربية الجنسية ، هي تربية للأخلاق الحميدة التي يحتويها كل جنس ، وعندما تعمل الأسرة على توطيد معرفة الأطفال بجنسهم وتشجيعهم على احترام كل فرد لذاته ، وان الفارق في الجنسين لا يعني إعطاء أفضلية لجنس على آخر ، بل احترام الجنسين بشكل متبادل لإدامة الحياة بكل تفاصيلها ، وعليه سيقف الجيل الجديد على أرضية من الثقافة الجنسية الضرورية التي تؤهلهم لممارسة دورهم الإنساني دون عقد تجاه جنسهم .